تاج الشريعة اختر رضا خان الأزهري رحمه الله تعالى
تاج الشريعة، العلامة أختر رضا خان الأزهري رحمه الله)
حياته وخدماته
د/ أنوار أحمد خان البغدادي
تمهيد:
أنجبت الهند علماء أفذاذ في الفقه والشريعة، ومن أبرز علماء القرن الرابع الهجري، الإمام أحمد رضا خان البريلوي (نوَّرَ اللهُ مرقده) (ت: 1921م) الذي برع في العلوم الشرعية براعة عجيبة، فاقَ أقرانه، فقد صنَّف في أكثر من خمسين علما وفنا، ما يربو على ألف مؤلف ما بين مجلدات، ورسائل صغيرة، وكما كان قلمه سيالا، كثير التصانيف، كذلك كان قوي الاستدلال، باهر الحجة، ناصع الموقف والبيان.
تعد أسرة الإمام أحمد رضا خان أسرة علمية، سلفا وخلفا، فقد كان أجداده علماء وفقهاء، كما لثم العلم قدوم أبنائه أيضا، فكان ابنه الأكبر العلامة حامد رضا خان الملقب بحجة الإسلام عالما كبيرا، بارعا في اللغة العربية وآدابها، وأما نجله الأصغر، الشيخ مصطفى رضا خان، الملقب بمفتي الهند الأعظم، فهو الذي ينتهي إليه سيادة العلم والتقوى في شبه القارة الهندية.
واستمرت هذه الأسرة في إرواء غليل العلم والعرفان حتى يومنا هذا، حيث تتشرف هذه الأسرة الطيبة الطاهرة التي لها دور بارز في خدمة العلم والدين، بشخصية علمية ناصعة، وهو الشيخ أختر رضا خان الأزهري، الملقب بتاج الشريعة الذي يعد من أبرز شخصيات علمية في هذه الأسرة، وفي أوساط العلماء في هذا البلد. وإليكم شيئا عن حياته وأعماله.
اسمه ومولده ونشأته:
هو الشيخ محمد أختر رضا بن إبراهيم رضا بن حامد رضا بن أحمد رضا بن نقي علي بن رضا علي خان، من أصل أفغاني.
ولد الشيخ محمد أختر رضا خان في مدينة "بريلي" في 25 من فبرائر، عام (1942م). بدأ سفره التعليمي وعمره أربع سنوات وأربعة أشهر وأربعة أيام بقراءة "بسم الله الرحمن الرحيم". وبايع الشيخ مصطفى رضا خان الملقب بمفتي الهند الأعظم، وعمره خمس سنوات. درس الكتب الابتدائية على حضرة أبيه، مولانا إبراهيم رضا خان، ثم التحق بدار العلوم منظر إسلام، ببلدة بريلي، ومن ثم انتقل إلى الكلية الإسلامية الثانوية، بريلي، وحصل على خلافة وإجازة في الطريقة القادرية في سنة (1962م) من لدن جده من الأم، الشيخ مصطفى رضا خان الملقب بمفتي الهند الأعظم. وفي عام (1963 م) توجه إلى أعرق الجامعات الإسلامية، الأزهر الشريف، لينهل من منهلها الصافي، وبقى هنالك يروي غليله حتى عام (1966م) ثُم رجع إلى وطنه، وانقطع إلى خدمة الدين الحنيف انقطاعا تاما، يدرس، ويخطب، ويفتي، ويصنف، فضلا عن أسفاره الدعوية لأصقاع الهند النائية، ولمختلف البلدان الإسلامية والأجنبية.
مؤلفاته:
إن الشيخ الأزهري يتضلع من علوم وفنون، فإنه قادر على العربية، كما نراه بارعا في الإفتاء، ولا شك أن تمكنه من العربية، وقدرته على الإفتاء، من أثر التربية والتعليم الذي تلقاه الشيخ في أسرته العلمية أبا وجدا. ولعله توارث العربية من جده من الأب فضيلة الشيخ العلامة حامد رضا خان الملقب بحجة الإسلام، الذي كان عالما كبيرا، وبارعا في اللغة العربية وآدابها، كما وجد حظه الأوفر في الإفتاء من جده من الأم، الشيخ مصطفى رضا خان، لحسن توليه منصب الإفتاء. ومن جراء هذا الأثر نرى الشيخ الأزهري يفتي في قضايا حساسة، ويتكلم العربية، ويكتب فيها.
فقد خلَّف الشيخ الأزهري مصنفات في مختلف المجالات من كتب مستقلة، وكتب مترجمة، من العربية إلى الأردية وبالعكس، ومنها ما تمَّ طبعها، ومنها ما ينتظر إلى سبيل الطباعة، ومطبوعاته العربية، هي ما يلي:
(1) "الحق المبين" (ردا على ما طبع في جريدة "الهدى" أبوظهبي، من أباطيل). (2) "مرأة النجدية بجواب البريلوية" (ردا على "البريلوية" لإحسان إلهي ظهير). (3) شرح حديث الإخلاص. (4) نماذج من حاشيته على صحيح البخاري.
أما الكتب التي قام بنقلها من الأردوية إلى العربية، فهي:
(5) تيسير الماعون للإمام أحمد رضا خان البريلوي. (6) شمول الإسلام للإمام أحمد رضا خان البريلوي. (7) العطاء القدير للإمام أحمد رضا خان البريلوي. (8) فقه شهنشاه للإمام أحمد رضا خان البريلوي. (9) إهلاك الوهابيين للإمام أحمد رضا خان البريلوي. (10) الهاد الكاف للإمام أحمد رضا خان البريلوي. (11) حاجز البحرين.
أما الكتب التي قام بنقلها من العربية إلى الأردوية، فهي:
(12) المعتقد المستند للإمام أحمد رضا خان البريلوي. (12) قصيدتان رائعتان للإمام أحمد رضا خان البريلوي.
أما كتبه المستقلة في اللغة الأردية، فهي:
(13) "سفينة بخشش" مجموعته الشعرية في مدائح النبي – صلى الله عليه وآله وسلم. (14) أحكام التصوير. ( 15) شرح حديث النية. (16) آثار القيامة. (17) هجرة الرسول الأكرم – صلى الله تعالى عليه وسلم. وغيرها من مجموعات شعرية، وكتب، ومقالات، وفتاوى بالعربية والأردية. فضلا عن آثار الشيخ العلمية الأخرى لم تلمسها أيدي الطباعة بعد.
علاوة على آثاره العلمية هذه، ترك مؤسسة علمية ضخمة، وتلك هي: مركز الدراسات الإسلامية، جامعة الرضا في بريلي. وقد قطعت هذه المؤسسة في عمرها القصير شوطا بعيدا في بناياتها الضخمة، وبرامجها التعليمية، ولا زالت في سبيل التطور.
يتمتع الشيخ بشعبية كبيرة جدا في شبه القارة الهندية من الهند، والباكستان، وبنغلاديش، يفوق عدد أتباعه ومريديه على آلاف وآلاف، وله خلفاء في الطريقة في عدة دول عربية وأجنبية، فضلا عن شبه القارة الهندية، ففي العرب مثلا الشيخ محمد عمر سليم من العراق، والشيخ عبد العزيز من دبئي، والشيخ كمال يوسف الحوت من لبنان، والشيخ دائل الحنبلي من دمشق، والشيخ عارف جميل من فلسطين، وصدف لي أن التقيت بآخر الذكر فوجدته متأثرا جدا بشخصية الشيخ الأزهري وحسن ديباجته، وتحدّث لي قائلا: "إنني سعيد جدا بأن أعطاني الشيخ الأزهري سند إجازة وخلافة ولا فرح عندي أكبر من ذلك".
صفاته وأخلاقه:
إنّ الشيخ يتصف بصفات موهوبة كثيرة، منها تقواه وطهارته، نجابته وليونة طبعه، فإنه يلتزم الشريعة، بكل دقائقها وصغائرها على حد سواء، ويحاول أن لا يترك سنة تفوت منه، ولا ينتهك أحد أمامه محارم الفرائض والسنن وحتى المستحبات إلا نراه ثائرا عليه، بلا لومة لائم، ويغلب عليه التصدّع بالحق، حتى لا يتمالك نفسه في أغلب الأحيان، إلا بإظهار ما يعتقده حقّا دون مراعاة ومجاملة.
رحمه الله تعالى رحمة واسعة كريمة . (آمين يا رب العالمين).
الملاحظة: اعتمدت في كتابة هذا المقال على:
(1) "حياة تاج الشريعة" للشيخ شهاب الدين الرضوي، مطبوعة "رضا أكاديمي" ممبئي.
(2 "تذكرة تاج الشريعة" للشيخ شاهد القادري، مطبوعة كولكتا.
(3) مقال الأخ أنيس أحمد السيواني حول الشيخ الأزهري، المطبوع في مجلة "غازىء ملت" الأسبوعية/ الصادرة من كولكتا.
تبصرے
ایک تبصرہ شائع کریں
comment